تحسين وادي ايسي (المغرب)

هذا المشروع من العدد (108)، اضغط هنا لرؤية العدد.

انهارت الحياة المجتمعية في المناطق الريفية في المغرب مع انتقال سكانها إلى المدينة، وعلى وجه الخصوص في المناطق النائية، حيث انخفض الإنتاج الزراعي وقلَّ عدد الواحات كما هو الحال في هذا الوادي، وهذا ما سيناقشه مشروع تحسين وادي ايسي.

 “إنه مشروع غير مرئي تقريباً: مشروع يختفي فيه المهندس ليكشف عن خصائص الوادي”. (أي ليبرز ميزاته الأصيلة). 

كانت هذه عبارة المهندسة المعمارية سليمة ناجي عندما طُلب منها تلخيص هذا المشروع في جملة واحدة، “فهو مشروع يُصحِّح ويُعيد تسليط الضوء على منطقة الوادي ويبرز ميزاته، والأهم أنه يستجيب لمتطلبات السكان المحليين في المنطقة من خلال ورش عمل ومناقشات؛ إنه مشروع يكون فيه الإنسان والحفاظ على ثقافة المكان هو الهدف الأساسي.”

هذا المقال رحلة سريعة لاكتشاف المشروع، والتعرف على المعمارية وعالمة الأنثروبولوجيا سليمة ناجي، متضمناً ما قالته حول المشروع في أحد مقابلاتها.

تحسين وادي ايسي هو المشروع الجديد للمهندسة المعمارية سليمة ناجي، والذي تمَّ اختياره للفوز بجائزة الآغا خان المرموقة للعمارة لدورة 2020-2022، وقد تمَّ تنفيذ مشروع تطوير وادي ايسي ايت منصور الواقع في منطقة سوس ماسة، بالاشتراك مع الوكالة الهولندية Inside Outside المتخصصة بدراسة الموقع العام وتنسيق الحدائق. 

وكانت إعادة تطوير الوادي جزء من مشروع زراعي – مائي كبير ترعاه الحكومة، من أجل الترويج لقيم التنمية المستدامة والحفاظ على الحيوانات والنباتات.

يمتد المشروع على مسافة 14 كيلومتراً عبر وادي ايسي الخلاب في جبال الأطلس الصغير، وهدفه تنشيط المنطقة من خلال السياحة المستدامة.

مسألة التفكير بالبعد التراثي والتحديات الكبيرة في المشروع:

التركيز الأساسي على التشارك واضح بين عملية تطوير البناء البيئي وعمليات بناء الأجداد في المشروع، حيث كان التعامل مع البعد التراثي من خلال التفكير فيه كتقنيات موروثة تطورت عبر الزمن وطريقة تكيّفها مع المناخ، وكمورد هام للمعلومات وطريقة عمل ضمن السياق المحلي الحالي، فإن أهمية التراث تكمن في مرونته وقدرته على التكيُّف والاستجابة للتحديات المعاصرة: (الاحتباس الحراري – ندرة المواد – الرغبة في الرفاهية).


يركّز المشروع بشدة على الحفاظ على المواقع العامة الطبيعية والنظام البيئي والثقافة والهندسة المعمارية للوادي، ولا ينظر إلى التراث على أنه ماضٍ جامد بل يُنظر إليه كمورد علمي خاص بالسياق المحلي الأصلي وقادر على الاستجابة للتحديات المعاصرة.

منظر جوي للمسبح الكبير

مواد وتقنيات البناء:

تم البناء باستخدام المواد والتقنيات المحلية المتوفرة في الموقع، من أجل الحفاظ على المشهد الحالي الموروث، وكان من الضروري ابتكار مواصفات محددة كتقنيات من الحجر الجاف/ الحجر الخام/ أشجار النخيل…وغيرها، وتم تدريب العمال وأداء الاختبارات اللازمة ومواجهة الرفض والإقناع والقيام بالعديد من الاجتماعات والاتفاقيات لكل مكان يتم اختياره. 

كما تم استخدام التكنولوجيا مع المواد التقليدية للاستجابة للمتطلبات الحديثة بطريقة تحترم البيئة وثقافة المكان.

صورة الأبنية والمواد التقليدية
صورة الأبنية والمواد التقليدية

كيفية العمل بالمشروع:

بعد تشخيص دقيق وعقد اجتماعات طويلة مع المستفيدين من المشروع، وضعت المهندسة المعمارية والمستشارون استراتيجية لهذا المشروع تهدف إلى تحقيق شكل جديد من السياحة المستدامة وتحسين بيئة المجتمع الحالية وإنعاشها بشكل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهندسة وتصميم الموقع العام، وتم اقتراح تطوير جديد يحترم السكان المحليين ويحترم وظيفة وجمالية الأراضي والمواقع في الوادي، كما تم اختيار سبعة أماكن استراتيجية تم تصميمها كمساحات عامة.

الخطة الرئيسية للمراكز الستة للمشروع

تُركز المرحلة الأولية من المشروع على تحسين المسارات والمرافق للسيّاح الريفيين مع تحسين بساتين النخيل وخزانات المياه، حيث أُنشئ درب ذو بداية ونهاية ومركز كدوائر مرصوفة بالحجارة باستخدام تقنيات ومواد تقليدية بواسطة عمال من سكان الوادي البالغ عددهم 2500 نسمة.

يغطي المشروع مساحة تزيد عن 140,000 متراً مربعاً، وهو يلبي تماماً متطلبات وتطلُّعات السكان المحليين.

تم تحسين بعض المرافق السياحية الموجودة على طول المسار:

الدوائر الحجرية الكبيرة هي أحد علامات المناظر الطبيعية في الموقع، وهي طريقة لتحديد واقتراح أماكن فترات الراحة على طول الطريق بحيث يعرف الزوار أن هذا المكان يمكنهم التوقُّف فيه والعثور على الخدمات والمراحيض والعناصر المجهزة واللافتات الإرشادية، وكذلك تناول الطعام أو المبيت، كما تم التخطيط للفنادق والمطاعم التي رُمّمت في مواقع التراث الثقافي.

تفاصيل الحافة الحجرية للمسبح

تم تعزيز الإمكانيات المحلية لإحياء الموقع وجعل المناطق جذابة وتفاعلية:

تعتمد استراتيجية اكتشاف المنطقة والمسار على عوامل جذب مختلفة على طول الطريق واختيار العناصر المميزة وإبرازها وفقاً للموضوعات المتعلقة بالموقع وكذلك خلق مفاجآت طوال فترة زيارة الوادي، وهذه الاستراتيجية تخدم رؤية أكثر عالمية للوادي بهدف تحقيق سياحة مجتمعية مستدامة، من خلال تحسين الفعّاليات والوظائف المحلية لإحياء الموقع.

صورة تبيّن الحفاظ على الموروث الثقافي للمنطقة داخل المبنى

سليمة ناجي المهندسة المعمارية للمشروع:

المهندسة المعمارية سليمة ناجي

سليمة ناجي مهندسة معمارية مغربية وباحثة في الأنثروبولوجيا، وتعد من أبرز المناضلين لأجل حماية التُّراث المعماري والحفاظ على تقنيات البناء التقليدية والمحلية في المغرب.
كرَّست أكثر من عشرة سنوات للأبحاث حول الإكودار، وكانَت ولا تزال تقوم بمشاريع ترميم وإعادة تأهيل مباني ومناطق تراثية، كما تعمل ضمن مشروع حماية المدينة العتيقة لتيزنيت جنوب المغرب. 
تستخدم مواد طبيعية محلية في جميع مشاريعها، وأبرزها: الطين- جريد النخل- الخشب- الحجر، وتعمل دائماً بشراكة مع الصُّناع والحرفيين المحليين مع الحرص على تجديد وتطوير تقنياتهم وأساليبهم.
حصلَت على العديد من الجوائز الوطنية والدولية ولها العديد من المؤلفات.

“الإنسان مركزي، وأي نهج تكنوقراطي غبي سيفرغ المشروع من معناه” 
الأساليب المبتكرة في المشروع أساليب جديدة مستمدة من أساليب البناء القائمة على تراثنا، والتي تتعارض مع القواعد التي تمارس فيها العمارة الخرسانية بالكامل وتدير ظهرها لممارسات الأجداد، ويأتي هذا العمل من خلال عقدين من الخبرة التي اكتسبَتها وكالتنا، والتي تعتمد على السكان. 

سليمة ناجي  

صورة الحافة والبيئة جانب المسبح

معرض الصور:

المراجع:

فريق الإعداد:

إعداد: م. آية فخرالدين
نشر إلكتروني: محمد انس رستم اغا

التدقيق العلمي: م.محمود بغدادي
التدقيق اللغوي:م. آلاء علي

مقالات قد تعجبك

SOS_Village_Djibouti_-_Streets_(14)
قرية الأطفال SOS في جيبوتي
1
برج المسكن 318​
1
مدرسة كامانار الإعدادية (السنغال)
1656592731-p05517_ira_00
متحف ارغو للفن المعاصر (إيران)
تظهر الصورة الشكل الجبلي للمبنى
أبراج المستقبل
dsc07808-h-02
فيلا داشت-إي-تشيل مكتب 51-35 للهندسة المعمارية
Scroll to Top