جائزة بريتزكر للعمارة متحف الفن الإسلامي في الدوحة -Museum of Islamic art Doha Qatar

 هذا المقال من العدد (99)، اضغط هنا لرؤية العدد.

مهمة تصميم متحف يمثل العمارة والفن الإسلامي ليست بالمهمة السهلة، ولكنها بالتأكيد أكثر صعوبة عندما يكون المعماري المصمم صينيًا!
لذا قام IM Pei المعماري المصمم و الفائز بجائزة بريتزكر بجولة حول أهم معالم العمارة الإسلامية في الشرق والعالم العربي ليصمم هذا المتحف الذي تحول إلى أهم المعالم المعمارية في دولة قطر….. يأخذنا مشروع “متحف الفن الإسلامي” إلى مدينة الدوحة، حيث كان هذا المتحف لسنوات عدة المعلم المعماري المميز الوحيد الممكن إيجاده في مدينة الدوحة، ولكن هذا الوضع تغير فيما بعد بسبب المشاريع الجديدة التي اكتملت والتي قام بها المعماريان جان نوفيل وريم كوولهاس، وسيستمر هذا الوضع بالتغير إلى أن تقام بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 صمم هذا المبنى المعماري IM Pei والذي كان قد تقاعد عندما تم بناء هذا المشروع في منتصف بداية الألفية الثانية (2000)، لكن تم إقناعه بتخصيص وقته لتصميم هذا المتحف البارز الشهير. كان المعماري على دراية وخبرة عالية أتاحت له تصميم مبنىً ينسجم مع محيطه، حيث بالإمكان رؤية المتحف يرتفع من الماء بشكل متناغم مع البر المقابل. 

صورة توضح المتحف من الحديقة الخلفية وإطلالته على خط أفق مدينة الدوحة

الموقع:

يقع المشروع في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر، وتبلغ مساحته 376.740 قدم مربع “ما يعادل 35000 متر مربع” يرتفع من البحر في خليج الدوحة في الخليج العربي ويضم مجموعة من الروائع العالمية في صالات العرض التي تحيط بساحة فناء مقببة مرتفعة بخمسة طوابق.
رفض السيد بي بناء الهيكل على أي من المواقع المقترحة على طول الكورنيش، واقترح إنشاء جزيرة قائمة بذاتها لضمان ألا تتعدى المباني المستقبلية على المتحف أبداً. يقع المبنى في البحر على بعد حوالي 195 قدماً “ما يعادل 60 متراً” من كورنيش مدينة الدوحة، وتوجد خلف المتحف حديقة خلفية تبلغ مساحتها 64 فداناً تؤمن خلفية جميلة وتضم العديد من الكثبان الرملية والواحات.

صورة توضح موقع المتحف في البحر والحديقة الخلفية
صورة توضح الفناء المُقبب

الفكرة التصميمية:

 يقف المتحف قبالة كورنيش الدوحة، وبما أن طريقة الدخول (المدخل) إلى المتحف تشكل جزءاً هاماً لكيفية فهم المبنى، فقد اختار بي Pei طريقة دخول تشابه مبنىً آخر صممه المعماري في مسقط رأسه في مدينة سوتشو الصينية Suzhou وهو متحف سوتشو، فالعمل على ذاك المتحف الذي صممه في هذه المدينة كان على قدر من الأهمية بالنسية لIM Pei، ومن الواضح أن تصميم ذلك المتحف قد لعب دوراً هاماً في العمل اللاحق الذي قام به في متحف الفن الإسلامي. وفي حين أن الأخير هو أكبر حجماً، يمكن ملاحظة لغة متشابهة من الخطوط المتعامدة والقطرية. ومع أن المساقط الأرضية لكلا المبنيين تمتلك أوجه تشابه قوية إلا أن مادة الإكساء الخارجية تميز كلا التصميمين عن بعضهما البعض، فبالرغم من أنهما متشابهان في الشكل إلا أن كلا المتحفين يمثلان المكانين المشيدين فيهما من خلال الثقافة والمحيط الخاص بكل مدينة.

سكيتش للفكرة التصميمية للمشروع (المدخل/ خط أفق مدينة الدوحة/ الأدراج كعنصر مركزي/ الجسر لا يشكل عقبة للرؤية)
صورة لسكيتش الفكرة التصميمية لكل من متحف مدينة سوتشو ومتحف الفن الإسلامي
صورة لمتحف مدينة سوتشو الذي صممه المعماري
صورة توضح موقع المتحف في البحر والحديقة الخلفية

المتحف هو نتيجة رحلة الاكتشاف التي قام بها المعماري بي والتي قادته لفهم تنوع العمارة الإسلامية حول العالم، والتي تمتد من المسجد الكبيرGrand Mosque في قرطبة إسبانيا و فاتحبور سيكري Fatehpur Sikri عاصمة مغولية في الهند والمسجد الأموي الكبير Umayyad Great Mosque في دمشق سوريا إضافة لقلاع الربات The ribat fortresses في المنستير وال سوسة في تونس. وجد بي في هذه الجولة أن تأثيرات المناخ والثقافة أدت إلى العديد من التفسيرات للعمارة الإسلامية، ولكن لم يستحضر أي منها الجوهر الحقيقي الذي سعى إليه.

صور توضح كلاً من المتحفين وتأثر المعماري بتصميم متحف مدينة سوتشو

كان إلهام التصميم النهائي للسيد بي هو سبيل “نافورة الوضوء” المشيدة في القرن الثالث عشر (ablutions fountain) في مسجد أحمد بن طولون في القاهرة بمصر و المشيد في القرن التاسع.
ذكر السيد بي أنه وجد في (التقشف والبساطة) اللتان يتصف بهما السبيل ما يمثل (العمارة القاسية التي تنتج عن الحياة في الشمس، مع ظلالها وظلال اللون). لقد قدم له السبيل تعبيراً تكعيبياً عن التقدم الهندسي والذي أثار رؤية مجردة لعناصر التصميم الرئيسية في العمارة الإسلامية.

صورة توضح نافورة الوضوء في مسجد ابن طولون
نافورة الوضوء في مسجد ابن طولون

التوجيه هو المحرك الرئيسي لهذا المبنى، فمن لحظة دخولك إلى المبنى تشعر فقط بالرغبة في المضي قدماً، وهذه الحركة تقودك في نهاية المطاف إلى الصورة التي تريد منك قطر أن تتذكرها: خط أفق مدينة الدوحة، وهي صورة لا بد لكل زائر أن يلتقطها سواء كان عاشقاً للهندسة المعمارية أم لا. من الخارج يبدو المبنى متجانساً، متمركزاً حول نفسه، قوياً ولكنه معقد. ولكنه من الداخل مجوفR “مفرغ”، وهذا يقودك لتصل بعينيك لترى الكوة الهندسية، وهي زاوية أخرى سوف يلتقط الجميع بالتأكيد صورة لها أو على الأقل سيضيع فيها.

صورة توضح إطلالة المتحف على خط أفق مدينة الدوحة
صورة خارجية للمبنى
صورة توضح الكوة والقبة ذات الأوجه

فراغات المشروع:

يتكون المتحف من مبنىً رئيسي مكون من خمسة طوابق وجناحٍ تعليمي مكون من طابقين وتتصل أجزاء المبنى ببعضها عبر الفناء المركزي. تتراجع أحجام المبنى الرئيسية تدريجياً حيث ترتفع حول الفناء المقبب الذي يبلغ ارتفاع قبته 164 قدماً “ما يعادل 50 مترا”، والتي يتم إخفاؤها عن المنظر الخارجي بواسطة جدران البرج المركزي. في الجزء العلوي من قبة الفناء تلتقط الفتحة الدائرية الضوء ذي الأشكال وتعكسه داخل القبة ذات الأوجه، وتلعب شمس الصحراء دوراً أساسياً حيث تحوّل العمارة إلى لعبةٍ من الظل والنور.

صورة توضح الدرج كعنصر مركزي ضمن الفناء
صور توضح الجناح التعليمي
صورة للجناح التعليمي
صورة توضح الممرات المحيطة بالفناء المركزي
صورة توضح الكوة والقبة ذات الأوجه
صورة خارجية للمبنى

يوفر جدارٌ زجاجيٌ على الجانب الشمالي من المتحف إطلالاتٍ بانورامية على الخليج العربي وخليج الدوحة الغربي من جميع الطوابق الخمسة للفناء. السقوف منمقة مع القباب المعقدة ذات التجاويف، والثريات المعدنية المثقبة معلقة في الفناء. وهناك فانوسان آخران يبلغ طول كل منهما 100 قدم “ما يعادل 30.48 متر” يميزان رصيف القوارب في الجانب الغربي من المتحف، مما يخلق مدخلاً مميزاً للضيوف الواصلين على متن القوارب.

صورة توضح الثريات المعلقة وأشكال تزيين السقف
صور توضح الفناء المركزي والأدراج والممرات المحيطة به
صورة توضح الجدار الزجاجي

تقع البرامج التعليمية للمتحف في جناح مساحته 29000 قدم مربع ” ما يعادل 2694.19 متراً، ويضم الجناح التعليمي الذي كان من المقرر افتتاحه أواخر عام 2009 غرفةً قراءة مليئة بالضوء في مكتبة المتحف وفصولاً دراسية وورش عمل ومساحات للدراسة ومرافق تقنية وتخزينية. ومن بين هذه المرافق مختبر الحفظ، وهو مورد جديد مهم للمنطقة بأسرها. وتأكيداً على الدور المحوري للتعليم في متحف الفن الإسلامي، سيستضيف الجناح التعليمي الأنشطة التعليمية والمجتمعية لتطوير وتعزيز التفاهم والتقدير للفن الإسلامي.

صورة للفناء الذي يضم النافورة

المواد المستخدمة:

مواد الإكساء المستخدمة في المبنى تجمع بين التجانس والتضاد. هل من الممكن أصلاً الجمع بين هذين المتناقضين؟ إن لدى مدينة الدوحة دائما ذلك اللون الرملي بغض النظر عن عدد ناطحات السحاب المزججة التي يبنونها، فيأتي لون الحجر الطبيعي ليندمج مع المدينة بهذا الشكل. ومع ذلك يبدأ التباين عندما تنظر عن كثب.. فاللون الأزرق القوي والحيوي للخليج العربي يجعل هذا المتحف يبرز بشموخ.

صورة توضح التضاد بين لون الحجر الرملي ولون مياه الخليج

تم بناء المتحف من مواد دقيقة، مثل ماغني بلون القشدة cream-coloured Magny والحجر الكلسي من نوع شاميسون Chamesson limestone من فرنسا، والغرانيت جيت ميست Jet Mist granite من الولايات المتحدة والفولاذ المقاوم للصدأ stainless steel من ألمانيا، بالإضافة إلى الخرسانة المعمارية architectural concrete من قطر. تتميز صالات العرض التي صممها الفرنسي جان ميشيل ويلموتJean-Michel Wilmotte بحجر البورفيري الرمادي الداكن ولورو فايا وهو خشب الدانتيل البرازيلي الذي تم تنظيفه وعلاجه لخلق مظهرٍ معدني، والذي يتناقض مع الحجر الفاتح اللون لبقية المتحف. ولحماية الآثار الهشة المعروضة تتميز غرف المعرض بأجواءٍ وإضاءة مصممة خصيصاً. كما ابتكر السيد ويلموت Mr. Wilmotte أثاثاً مخصصاً للمتحف مستوحىً من الطراز المعماري لجزيرة بي.

لقطة داخلية ضمن المتحف توضح مواد الإكساء المستخدمة

معرض الصور:

المراجع:

فريق الإعداد:

إعداد: م. نورا أكرم الحلاق
نشر إلكتروني: منور قلعجي

التدقيق العلمي:م.أمنية شيخه
التدقيق اللغوي:م.نوهة مصطفى

مقالات قد تعجبك

قرية الأطفال SOS في رايبور
قرية الأطفال SOS في رايبور
TelAviv_Arcades_IMG_(5)
برج بيندا السكني في يافا المحتلة
تظهر الصورة الشكل الجبلي للمبنى
أبراج المستقبل
cropped-9a1bbbb4-2007-4f21-893f-3bc699f9e1d7
مفهوم الفيلا السكنية
(03)_USOPM_Jason20O_Rear
المتحف الأمريكي الأولمبي والبارالمبي-U.S. Olympic and Paralympic Museum
Scaled-prototype-of-lunar-dome-structure-printed-with-Contour-Crafting-CC-Credits
تقنية الطباعة المركبة ثلاثية الأبعاد في واجهات المباني
Scroll to Top