ورشة دمشق 2024







مخرجات ورشة أحياء 15 دقيقة دمشق 2040 _ كما ذكرتم سابقاً _ هي محاولة لمعالجة إشكاليات التخطيط التي ظهرت مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وجائحة كورونا مؤخراً... لكن عند الحديث في سياق المدينة وتحولاتها على المستوى الإنساني والاجتماعي على وجه الخصوص ومع التغيرات التي تطرأ على كل من المدينة والإنسان... هل ستكون مخرجات الورشة اليوم ملائمة أيضاً في 2040؟
تقول أ.د (ريدة ديب): “عند حديثنا عن الإنسان نقصد بذلك (الشخص القاطن)، كلما طالت إقامة الشخص في حي ما كلما زادت مشاعر الانتماء والفخر بالمشاركة الفعالة ببناء هذا الحي، على عكس الإنسان الخارجي الغريب عنه؛ اذاً يتوجب تأمين بيئة أساسية في أحيائنا تضمن العيش المريح لسكانه من خلال إشراكهم في عملية اتخاذ القرار حيث يعرض القاطنون احتياجاتهم على الإدارة المحلية وتقوم بدورها بخدمتهم وتنفيذ مطالبهم، بالتالي تولد هذه المشاركة الفعالة لدى السكان نوع من التمسك بالمكان سواء أكان عام 2020 أو 2040، فهذا هو نوع التغيير الذي نود تحقيقه.
دائما ما تحوي المدن والأحياء قلباً تاريخياً وتتمدد مع الزمن، المشكلة الأساسية ليست بداخل القلب التاريخي وإنما بهذا التوسع والتمدد الذي يفرضه الواقع على مدننا، ولكن مع جعل نموذج العلاقات الاجتماعية والسلوك الاجتماعي المبدأ الأساسي لبناء الأحياء، تُخلق أحياء مستدامة، ففي حقيقة الأمر ليست هي المصفوفات الرياضية التي تصنع المكان وإنما المجتمع وطريقة حياته واحتياجاته، كما أن كل حي يختلف عن الآخر بصناعته ولكن الأحياء المتجاورة ترتبط بعلاقات، قد تكون تجارية أو ترفيهية أو تعليمية، وكذلك تتولد روابط إما تآزر أو تنافس أو أي نوع من الروابط الممكنة، نحن لا ندعو إلى إلغاء دور المركز، نحن ندعو إلى المحلية. لما على ساكن الحي أن يعمل بمكان خارج الحي الخاص به؟ هل قاطني الحي “مجبرين” على السفر إلى الأحياء المجاورة لشراء احتياجاتهم الأساسية؟ الهدف هو تأمين مجال لتحقيق جميع الفرص لقاطني المكان بالمشاركة بخدمة المكان نفسه.”
ذكرتم في العرض أن الأحياء 15 دقيقة تتضمن مفاهيم عديدة كمفهوم صناعة المكان التشاركي والتخطيط المكاني، وتعتمد بشكل أساسي على مفهوم المدن المتراصة التي طُبِّقت حديثاً بالعديد من البلدان ك(طوكيو) و(لوس أنجلس)، لكن عند تحليل هذه المفاهيم ومقارنتها مع خواص المدينة القديمة نجد أن جميعها قد وجدت فيها منذ نموها أي من آلاف السنين
مدننا قديماً حتماً كانت مؤلفة من أحياء 15 دقيقة، ولكن مع تطور المدينة وزيادة الكثافة السكانية وامتداد النقل وظهور التعقيدات الحضرية بكافة أشكالها؛ بدأت تفقد أحياؤنا هذه الميزة. ولكن بسبب ظهور جائحة (covid 19)والقيود التي فرضتها علينا أُلزمنا بالعودة إلى مفهوم أحياء 15 دقيقة.
هذا النموذج من الأحياء يحول الهياكل الوظيفية في تخطيط المدينة إلى هياكل اجتماعية، فتجعل بنهاية المطاف أحياءنا اجتماعية، تسودها علاقات الألفة والجيرة؛ الأمر الذي يزيد عامل الأمان والخصوصية وبالتالي الانتماء وكل هذه العوامل تساهم في زيادة تماسك المدينة. هذا الأمر هو الذي يميز نهج أحياء 15 دقيقة عن النُهُج الأخرى، مثل المدن المتراصة (compact city ) فهو ليس نهج تطبيقي لإيجاد حلول، إنما هو نهج لإعادة تشكيل حالة ثقافية للمدينة.
سؤال الهوية دوماً ما يكون مفتوح الإجابة، كما يكون موضوعاً جدلياً، ذو أبعاد كثيرة ومتفاوتة. ذكرتم خلال العرض مراعاة هوية المكان وهوية مدينة دمشق بشكل عام، ما النتيجة التي توصلتم إليها بخصوص هوية أحياء مدينتنا دمشق؟
بالنسبة لي شخصياً، طبيعة الحركة في المدينة القديمة، الروتين اليومي لعائلاتنا، روتين يوم الجمعة على سبيل المثال، هذه الظواهر هي تراثنا اللامادي وهي تمثل هويتنا وبالتالي تنعكس على عمارتنا وبيئتنا المبنية فتتشكل بطبيعة الحال أحياؤنا وبيوتنا.
دخول مفاهيم التخطيط الجديدة التي تعتمد على مصفوفات رياضية ألغى العنصر الإنساني في المدينة كما محا الحياة الشخصية لكل ساكن، ومع امتداد المدن، تحولت حياة الانسان الى ساعات انتظار المواصلات العامة للسفر مسافات طويلة ليصل الى مكان عمله أو لقضاء حاجاته، ولم يعد للوقت قيمة وألغي البعد الرابع كلياً، أصبحت المدينة مرهِقة ومرهَقة، فنقول نحن الآن من خلال ورشة العمل، أنه حان الوقت لاتخاذ موقف وإعادة بناء أحياءنا بأيدينا، أي أن حياتنا وطريقة عيشنا هي التي يجب أن تشكل أحياءنا وليست طريقة التخطيط الحديثة، وحان الوقت لقلب الميزان وإعادة التخطيط من الأسفل الى الأعلى.
ضمت مخرجات الورشة التي شاهدناها في عرض الافتتاح مداخلات وحلول بسيطة وذات مقياس عمراني. هل كان من الصعب تحقيق مداخلات ذات مقياس ووطأة أكبر؟









حي القصاع؛ فريق العمل: المهندسة (آلاء الحسين) المهندسة (أسماء المصري)
المهندسة (دعاء حيدر)
المهندسة (ريم البشير) المهندسة (علا الشياح) المهندسة (نقاء الأحمد) المهندسة (هدى خليفة)

معرض الصور:
فريق الإعداد:
إعداد:م.نور الموسى – م. ميرما الورع
التدقيق اللغوي: تقى اجنيد
نشر إلكتروني: م. ريم الخلوف