فيلا المستقبل

المقتطف:

عندما نسمع كلمة “فيلا سكنية”، قد نتخيل بناءً كلاسيكيًّا فخمًا ومزخرفًا بعناصر معمارية مليئة بالتفاصيل، أو بناءً حديثًا يستخدم الخطوط البسيطة والتباين في مواد الإكساء لرسم معالمه المعمارية، فماذا عن التصميم المعماري الحالي للفيلا؟

وكيف يجب أن نصمم فيلا المستقبل في ظل التحديات المعاصرة التي تعصف بالإسكان؟

تابع معنا لنتعرف على الإجابة سويًّا!

في عصرٍ يتطور فيه عالمنا بوتيرةٍ غير مسبوقة، يخضع مفهوم العمارة السكنية عامة وعمارة الفيلات خاصة لتحولٍ ثوريٍّ مستمر ومتسارع، حيث أن مفهوم “فيلا المستقبل” يركز على الابتكار باستخدام التكنولوجيا، الراحة، والاستدامة، فتظهر أفكار جديدة تتحدى حدود ما يمكن أن تكون عليه الفيلا.

التصميم المعماري الحالي للفيلا:

الفيلا هي نوعٌ من الأبنية السكنية المعمارية المنفصلة الفاخرة، والتي غالبًا ما تقع في الضواحي أو المناطق الريفية، وقد تكون داخل المدن. تُعرف الفيلات بمزاياها التصميمية الأنيقة والفاخرة، من مساحات شاسعة ووسائل للراحة وإحساسٍ بالفخامة يَبْدُو على تصميم واجهاتها وديكورها الداخلي.

يمكن أن يتفاوت التصميم المعماري للفيلا بشكل كبير بناءً على الخلفية التاريخية والثقافية للمنطقة. حيث أن مصطلح “فيلا” قد يكون له دلالاتٍ مختلفة بعض الشيء تبعاً للثقافات في المناطق المختلفة. على سبيل المثال، في بعض الثقافات قد يُشير مصطلح “فيلا” إلى منزلٍ نصف منفصلٍ أو منزلٍ متلاصق. وقد تتفاوت عناصر التصميم الخاصة بالفيلا أيضًا بناءً على التأثيرات التاريخية والمحلية.

التصميم المعماري لفيلا المستقبل:

أبرز التحديات التي تواجه الفيلات السكنية الحالية:

  • تغيّر المتطلبات التصميمية واحتياجات أصحاب الفيلات.
  • عدم كفاءة نظم استهلاك الطاقة الحالية.
  • عدم مراعاة مرونة التصميم وتغيّر احتياجات السكان.
  • تشغل الفيلا مساحة كبيرة بالمقارنة مع الأبراج السكنية والسكن الجماعي.
  • استخدام مواد بناء فاخرة غير محلية.
  • التكلفة العالية.
  1. استخدام الطاقة الشمسية: حيث تحتوي فيلا المستقبل على ألواح شمسية مدمجة في السقف والجدران الخارجية، مما يتيح لها توليد نسبة كبيرة من طاقتها من مصادر متجددة.
  2. أنظمة المنزل الذكي: للتحكم في إضاءة المنزل، والتدفئة، والتبريد، وكاميرات الأمان، والأجهزة عن بُعد من خلال هاتف ذكي بمساعدة ذكاء اصطناعي أو بأوامر صوتية.
  3. مراعاة مبادئ الاستدامة من خلال:

    استخدام مواد بناء محلية موفرة للطاقة.
    استخدام مواد البناء المستدامة (البيتون الحي، تدوير المخلفات…إلخ).
    استخدام طريقة “Passivhaus” التصميمية و مآخذ لشحن السيارات الكهربائية.

  4. تسهيلات العمل من المنزل: وخصوصاً بعد جائحة كورونا زادت الحاجة لتوفير مكتب مناسب للعمل في المنزل.
  5. المساحات المرنة: قد تتضمن الفيلا غرفًا بجدران قابلة للتحريك أو حواجز يمكن ضبطها لإنشاء مساحات أكبر أو أصغر حسب الحاجة، بالإضافة إلى تصميم فرش متعدد الاستعمالات.
  6. غرف للترفيه:  كمساحات للصلاة والتأمل، غرف السينما، ومنتجعات صحية. وقد تقدم غرف الترفيه على تقنية الواقع الافتراضي للألعاب، والأفلام، وحتى السياحة الافتراضية.
  7. إدارة المياه:  قد تحتوي الفيلات المستقبلية على أنظمة متقدمة لإعادة تدوير وتنقية المياه لضمان استخدام مستدام للمياه.

فكرة فيلا Future HAUS":

في السنوات الأخيرة، أحدثت الابتكارات في التقنيات الرقمية، كالهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والروبوتات ثورة في الطريقة التي نعيش ونعمل ونبني بها. لقد أصبح وجود التكنولوجيا في حياتنا اليومية لا بد منه فلا يمكننا العمل اليوم بدونها – حيث أننا اعتدنا الراحة والدعم الذي توفره التكنولوجيا عالية الأداء. فقد تم استخدام التكنولوجيا الحالية لتصميم وتصنيع معظم المنتجات مثل الطائرات والسيارات وأجهزة الكمبيوتر، أما صناعة البناء والتشييد كانت على النقيض من ذلك، فقد كانت بطيئة إن لم تكن مقاومة للتغيير والتطوير.

وهنا تبرز أهمية مشروع FutureHAUS دبي، حيث أن فريق بحوثه يتحدى صناعة البناء من خلال استخدام عمليات التصنيع المتقدمة لإنشاء منزل ذكي مولد للطاقة.

الوحدات مسبقة الصنع والتصنيع بالتكنولوجيا الحديثة:

عندما ندرس صناعة السيارات والطائرات والطريقة التي تستخدم بها أنظمة التصنيع المتقدم، نجد أن لعملية التصنيع في مجال البناء العديد من المزايا بما في ذلك الإنتاج السريع والفعال، وظروف الموقع المثالية ومراقبة الجودة. 

طور معماريو مشروع FutureHAUS Dubai عملية بناء مبتكرة مناسبة للمنازل المبنية في المصانع، وهي عملية تدمج بشكل كامل برنامج نمذجة معلومات البناء (BIM) مع أدوات وعمليات تصنيع رقمية، بما في ذلك التوجيه باستخدام الحاسب الآلي والطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تضمن العملية مستوى عالٍ من مراقبة الجودة ومواد بناء مبتكرة عالية الأداء يمكن تخصيصها، وكل ذلك ضمن بيئة عمل آمنة للإنتاج. 

مفهوم "الخرطوشة":

لبناء الفيلا قسم الفريق المنزل إلى مجموعة من الأجزاء. بدءًا من مخطط الأرضية، وتقوم الأجزاء/ وحدات المصنعة مسبقا أو “الخراطيش” بتوصيل المنزل، حيث أن هناك نوعين من الخراطيش، الخراطيش التي تؤدي وظيفة ضمن البرنامج المعماري وتلك التي تقدم الخدمات. يتم التجميع النهائي في الموقع حيث يتم وصل الخراطيش المعدة مسبقًا، بأسلوب “التوصيل والتشغيل”. ويتم تجميع الموقع بسرعة، مما يؤدي إلى تحسين جودة المنتج النهائي بشكل كبير والتقليل من التكلفة النهائية.

خراطيش البرنامج المعماري (الوظيفية):

  • خرطوشة المطبخ: تحوي جميع وظائف المطبخ الذكي بما في ذلك الأجهزة والعدادات القابلة للتعديل وتجهيزات المياه وتخزين الطعام.
  • خراطيش الحمام: والتي تشكل الحمام الرئيسي الذي يشتمل على حوض استحمام ودش بالحجم الكامل ومرآة ذكية ومغسلة مطبوعة ثلاثية الأبعاد.
  • خرطوشة غرفة النوم: وتحوي جدار مدمج يشتمل على سرير مخفي آلي مزود بإضاءة وطاولات جانبية وخزائن ملابس.
  • خرطوشة المكتب: تشتمل هذه الوحدة على مكتبين متداخلين قابلين للتعديل وخزائن جدارية وإضاءة.
  • خرطوشة الخزانة: وهي أحد الجدارين “المرنين” اللذين يتسعان لتخزين خزانة الملابس.
  • خرطوشة الدخول: وهي أحد الجدارين “المرنين” اللذين يشتملان على وسائل الترفيه المنزلي والجلوس.

خراطيش الخدمة:

  • خرطوشة العمود الفقري: وهو “الجهاز العصبي المركزي” الذي يربط الغرفة الميكانيكية الجافة بعناصر الخرطوشة الأساسية. تحتوي هذه الخرطوشة التي يبلغ طولها 10م والموجودة فوق الردهة المركزية على جميع الخطوط الكهربائية وخطوط الاتصالات “التي يشغلها المنزل” بالإضافة إلى جميع مجاري الهواء لنظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC). وهذا المكون المهم هو الذي يجعل تثبيت الفيلا بسيطًا ومنظمًا وسريعًا.
  • الخرطوشة الميكانيكية الجافة: تحتوي هذه الغرفة الكهربائية على جميع الأنظمة الكهربائية بما في ذلك لوحة الكسارة الرئيسية، وعاكس الطاقة الشمسية، وأجهزة التحكم بالشحن. كما يضم أيضًا جميع معدات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء وأنظمة التحكم وتكنولوجيا الاتصالات. يرتبط هذا المكون المدمج المُجمَّع مسبقًا بالعمود الفقري لتوفير الطاقة والاتصالات وتوزيع التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) بشكل فعال للمنزل بأكمله.
  • الخرطوشة الميكانيكية الرطبة: تحتوي هذه الخرطوشة على مكونات توزيع المياه للمنزل بما في ذلك خزان الماء الساخن المنزلي المتكامل الحراري الشمسي، والمبادل الحراري، ومضخات التوزيع، وغرفة الغسيل.
  • خراطيش الأبواب: توفر “بوابات المستقبل” هذه أنظمة أبواب آلية للتوصيل والتشغيل حول محيط المنزل. يحتوي كل مدخل للمنزل على ثلاث طبقات آلية: باب واحد معزول من الزجاج الشفاف للحاوية؛ باب زجاجي معزول للخصوصية والتحكم في أشعة الشمس، وشاشة شبك ثالثة للحشرات للسماح بالتشغيل السلبي للمنزل. تشتمل كل خرطوشة على واجهة لمس مدمجة بجدار زجاجي قاس مقوى كيميائيًا للتحكم.
  • خراطيش الطاقة الشمسية: وهي خمس إطارات فولاذية ذات قياس خفيف يحمل كل منها مصفوفات كهروضوئية صغيرة تتحول إلى مظلة شمسية للمنزل، مما يظلل المنزل أدناه لتحسين كفاءة استخدام الطاقة.

استعرضنا تطور مفهوم عمارة الفيلات السكنية ومفهوم “فيلا المستقبل”، حيث تم تسليط الضوء على التحديات التي تواجه التصميم المعماري للفيلات الحالية بالإضافة إلى حلول مستقبلية لهذه التحديات. وتم تقديم فكرة مشروع “FutureHAUS” في دبي كنموذج لفيلا مستقبلية مبتكرة، حيث استخدم معماريوه التقدم التكنولوجي للتصنيع والتصميم في عمل وحدات بناء مسبقة الصنع تشبه الخراطيش، مما يجعل عملية التجميع سهلة وسريعة في الموقع. 

وبالتالي باستخدام تصميمات مبتكرة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، يمكن أن تكون فيلات المستقبل مرنة ومستدامة وذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة، مما يخدم احتياجات السكان ويسهم في تطور مفهوم عمارة الفيلات السكنية في المستقبل.

معرض الصور:

المراجع:

فريق الإعداد:

إعداد: م. إيناس الأفندي
التنسيق: م. بتول النحلاوي

التدقيق العلمي: م. سعاد سفور
التدقيق اللغوي: م. مروة المخلف

نشر إلكتروني: م.ريم صفوان الخلوف

مقالات قد تعجبك

Untitled-1
تقنيات ومواد البناء الحديثة
ثبثصبصثقبصثق32ق32ق
تاريخ الأبراج السكنية وتحدياتها
مقابلة مع أعضاء من الفريق الفائز بمسابقة اليونسكو لإعادة تأهيل مجمع النوري في الموصل، العراق
1
بين السماء والأرض أم على الأرض؟
مقابلة مع المهندس باسم البرغوثي
Elias Khuri (2)
العمارة المتوسطية بين الثقافة المحلية والمعاصرة - مقابلة مع المعمار إلياس خوري
Scroll to Top