إعادة إعمار مدينة درسدن – ألمانيا
هذا المقال من العدد (53)، اضغط هنا لرؤية العدد.
قبل 72 عاماً، دُمرت مدينة دريسدن الألمانية الشرقية تقريباً خلال ليلة واحدة في هجوم أسفر عن مقتل 25000 شخص. في الصباح التالي بعد أن تم قصفها من قبل قوات الحلفاء (بريطانيا) كان مركز المدينة التاريخي قد دمّر.
ومنذ ذلك الحين، كثيراً ما استُفهم عن هذا الهجوم وتم انتقاده، حتى في خضم فظائع الحرب العالمية الثانية، يبرز هذا القصف كـ “مثال خاص” لفظائع الحرب. على مدى عقود، رفض النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية إعادة بناء المعلم التاريخي الأكثر شهرة في درسدن، ألا وهو كنيسة Frauenkirche. وظلت أطلالها كما هي دون مساس كرمز ضد الحرب وكذكرى لأولئك الذين قتلوا، ولكن أُعيد بناء الكنيسة بعد سقوط جدار برلين، وها هي الآن جنباً إلى جنب مع المعالم السياحية الأخرى تقف مع الآثار وتهيمن على أفق درسدن من جديد. وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة لإعمار المدينة التي تعتبر واحدة من أجمل مدن ألمانيا، يستمر الماضي بالتأثير على ملامحها وصورتها.
في الثالث عشر من شباط في كل عام، كان يسير النازيون الجدد في المدينة للاحتفال بآثار الدمار، ولكن في السنوات الأخيرة تم منعهم من دخول المدينة من قبل سلسلة بشرية مكونة من أكثر من 10000 متظاهر يحملون رسالة إنسانية تلخص بالتالي: “لقد تسبب أسلافكم في تدمير هذه المدينة وسنحميها منكم، ولن تجرؤوا بعد الآن على الاعتداء والإساءة لهذا اليوم بالاحتفال بأهدافكم العنصرية.”
أظهرت إحدى الصور الأيقونية – والتي تم التقاطها بعد فترة وجيزة من القصف – المدينة المدمرة كما تبدو من قاعة المدينة التي لم تنهر تماماً بعكس العديد من المباني الأخرى بجانبها، وبمقارنتها مع صورة التقطت اليوم ومن نفس الزاوية يتبين أن العديد من المنازل المدمرة لم يُعد بناؤها أو ترميمها أبداً، وبدلاً من ذلك تم استبدالها بمواقف سيارات أو بمتنزهات.
هناك عدد من الأماكن التي لا يزال الدمار فيها واضحاً للعيان. وقد أعيد بناء مركز مدينة دريسدن التاريخي، لاسيما بعد سقوط جدار برلين، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الدعم المالي المقدم من ولايات ألمانيا الغربية التي كانت ولا تزال مجبرة على تحويل الأموال إلى شرق البلاد حيث تم بناء مجموعة متنوعة من المباني بطريقة حديثة، بينما أعيد بناء مباني أخرى استناداً إلى صورها القديمة وباستخدام الحجارة الأصلية الموجودة في الأنقاض.
كان يشغل مركز المدينة قبل الحرب المدمرة عدد من المباني السكنية، لم يتبقَ منها إلا عدد قليل بينما تتنوع بقية المباني اليوم بين محلات التجارية ومتاحف وفنادق ومطاعم ومكاتب وغيرها. ويجدر التنويه أن
المدينة لم يتم تجديدها بشكل كامل بعد، ولابد للسائح أن يصادف ورشات البناء حيثما اتجه في المدينة. أما ضواحي درسدن، فالشيوعية شكلت خط أفقها وأثرت على أشكال مبانيها.
إن بقايا حقبة مختلفة -والتي تبعد بضعة مئات من الأمتار من مركز مدينة دريسدن- تجذب نحو مليوني سائح سنوياً مهيمنة على الهياكل التاريخية.
أما البناء الذي تم بناؤه خلال فترة الحكم الشيوعي في ألمانيا الشرقية والمصنوع من ألواح مسبقة الصنع، فهو أيضاً يهيمن على الضواحي، ووجودهم في أفق درسدن هو تذكير حاضر للسكان والزوار على حد سواء أن الأضرار الناجمة عن الحرب لا يمكن محوها في غضون 70 عاماً بل إنها في الواقع قد لا تختفي تماماً.
معرض الصور:








المراجع:
فريق الإعداد:
إعداد: م_سمر_زيدان
نشر إلكتروني: منور_قلعجي
التدقيق العلمي: م.دعاء عبد الله، م.علياء رحمون
التدقيق اللغوي:م.صابحة علي، م.رهف الدرا، م.دعاء مغربي








