أبراج الزئبق – معماريون مكتب زها حديد

هذا المقال من العدد 000، اضغط هنا لرؤية العدد.

المقتطف:

تشكل المواقع السياحية بما فيها من تحديات اقتصادية واجتماعية مجال للمشاركات والحلول والإبداعات المعمارية، وفرصة لإقامة المشاريع الاستثمارية فيها. حيث تعد جزيرة مالطا الواقعة على البحر الأبيض المتوسط واحدة من أهم هذه المواقع السياحية في العالم، والتي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية ونمو مستمر في السكان والسياح. لذا يأتي مشروع (The Mercury Towers) بتصميمه الإبداعي المميز، وبلمسات المعمارية الراحلة زها حديد، ووظائفه السكنية وفعالياته المختلفة محاولاً إحياء الجزيرة وتنشيطها وإظهارها بحلة وواجهة جديدة ومعالجة النمو المستمر للسكان وحركة السياح. حيث سنقوم في هذا المقال بالتعرف على المشروع وأخذ لمحة عنه.
تعتبر باسفيل الواقعة على الساحل الشرقي لجزيرة مالطا مركزاً سياحياً مهماً، حيث تضم العديد من المباني الترفيهية الاستثمارية والخدمية إضافة إلى الفنادق العالمية، مما دفع المستثمرين لإقامة مشاريع استثمارية خدمية سكنية وترفيهية على أراضي هذه الجزيرة وذلك لمواكبة النمو المستمر للسكان والسياح.  بهذا تم اختيار أحد المواقع المهمة، والتي تضم أقبية تعود للحرب الباردة بالإضافة إلى مبنى تراثي (بيت الزئبق القديم – the mercury old house) والذي تبلغ مساحته 24500 متر مربع، ليقوم مكتب المعمارية الراحلة زها حديد بالتعاون مع المعماري باتريك شومان (Patrik Schumann)، بالعمل على إحياء وترميم هذا المبنى واستثمار هذا الموقع ليضم مبنى برجي سكني أطلق عليه اسم (the mercury tower). تم تصميم هذا المبنى لخدمة سكان المنطقة والسياح في موقع يضم مباني تجارية وخدمية، وفندق للسياح، وأجنحة، وساحة تفاعلية اجتماعية، ومرآب للسيارات حيث تميز هذا البرج السكني وباقي مباني الموقع بتصميم مميز ومتفرد، وبخطوط انسيابية واضحة، وبتنفيذ وإنشاء إبداعي متقن معطياً قيمة إضافية للموقع على صعيد المنفعة الاقتصادية والاجتماعية.

البرج السكني (المبنى المسيطر والأكثر تفرداً):

يأتي البرج السكني بتصميم متفرد ووجود مهيمن ومسيطر في الموقع، وبحركة التوائية انسيابية مميزة في الوسط. يضم البرج 31 طابقاً، تنقسم هذه الطوابق إلى كتلتين مختلفتي الارتفاع ومتراكبتين شاقولياً. تضم الكتلة السفلية و المتداخلة مع البيت القديم 9 طوابق مشكلةً الشقق السكنية، أما الكتلة في الأعلى تتألف من 19 طابقاً وتضم فندق بوتيك، يمتد الجزء الوسطي على الطوابق 10-11-12 ليضم القسم الترفيهي، وبهو استقبال الفندق، ومسبحاً خارجياً، وفراغات عامة. بينما يحتوي البيت القديم على الفراغات العامة وبهو للاستقبال ودخول للشقق السكنية والفندق.

تحافظ الكتلة في الأسفل (السكنية) على توضعها في الموقع أما الكتلة في الأعلى(الفندق) تدور حول المحور الشاقولي، مشكلةً منطقة التواء تعتبر السمة المميزة للبرج وتتميز بتكوين وخطوط منحنية وبسيطة. تم تدوير هذه الكتلة في الأعلى لتوفر إطلالات مثالية لغرف الفندق على البحر الأبيض المتوسط ذو اللون الأزرق السماوي الشهير الذي يميز سواحل مالطا، وليحد من الكسب الحراري للواجهة، وليعطي إحساساً بالحركة المستمرة للبرج، وذلك عند النظر إليه من زوايا مختلفة وعند انعكاس الظلال بأوقات مختلفة، وليعبر أيضاً عن الوظيفة المختلفة للكتلتين المتراكبتين.

فعاليات ووظائف الموقع المختلفة:

يحتوي الموقع بالإضافة للبرج السكني فعاليات أخرى حيث يضم برج فندقي متعدد الاستخدامات مكون من 22 طابق يتوضع فوق المبنى الخدمي والتجاري والذي يشكل قاعدة الموقع. يمتد هذا البرج فوق مبنى القاعدة ويشكل أسطح وفراغات تفاعلية بمساحات مائية وخضراء. أما مبنى القاعدة فيتوضع فوق الأقبية التاريخية ويأتي أيضاً بخطوط انسيابية مميزة بتكوينها وتشكيلها، مشكلاً احتواء لساحة تفاعلية اجتماعية للموقع، حيث تطل واجهات مبنى القاعدة مباشرة على الساحة التفاعلية. 
كما يحدد البيت القديم حدود هذه الساحة التفاعلية، والتي تحتوي على مسطحات مائية، ونوافير مميزة، وأماكن وجلسات استراحة وفعاليات مختلفة. تتميز هذه الساحة أيضاً بخطوط انسيابية مشابهة لخطوط مباني الموقع وتعد مركزاً اجتماعياً مهماً للموقع والجزيرة. بالإضافة إلى جناح (المقهى) الذي يتوضع بجانب البيت القديم و يتميز بتصميمه المنحني الجريء و بواجهات شفافة تظهر صلابة وعراقة البيت القديم، ويوجد تحت الموقع موقف ومرآب للسيارات.

النظام الإنشائي للبرج السكني:

يتألف الهيكل الإنشائي للبرج السكني من نواتين حاملتين مستمرتين على طول البرج ، إضافة إلى شبكة من الأعمدة الخرسانية في الكتلة العلوية والسفلية. أما القسم الوسطي فيضاف إليه شبكة من الأعمدة المعدنية ودعامات معدنية محيطة على شكل V لتنقل الحمولات من أعمدة القسم العلوي إلى أعمدة القسم السفلي. وفي الضلع المتداخل مع البيت القديم تتحول الأعمدة الوسطية المحيطية من الطابق الخامس نزولاً للطابق الأرضي إلى دعامات مائلة، تنقل الحمولات إلى الأعمدة الجانبية في زوايا المسقط وذلك للحفاظ على الهيكل الإنشائي للبيت القديم.
هكذا نلاحظ كيف أصبح المشروع الواجهة الجديدة لمالطا وحاول الارتقاء بالجزيرة وذلك من خلال تصميمه المميز، وتلبيته لاحتياجات المنطقة عن طريق الجمع بين الوظائف العامة والسكنية والوظائف الخدمية والتجارية. فضلاً عن إنشاء ساحة تفاعلية عامة نابضة بالحياة وترميم المبنى الأثري، ليحقق المشروع استجابة لمتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية للجزيرة.

معرض الصور:

المراجع:

فريق الإعداد :

إعداد: محمد كريّم بابي

التدقيق العلمي: م.سعاد سفور 

التدقيق اللغوي:م.حنان حداد

نشر إلكتروني: محمد أنس رستم اغا

مقالات قد تعجبك

01-Villa-Rotonda-Palladio
مراحل تطور بناء الفلل السكنية عبر الزمن
ثبثصبصثقبصثق32ق32ق
تاريخ الأبراج السكنية وتحدياتها
مقابلة مع المهندس باسم البرغوثي
15325224_940421329426074_4552387845940723735_o
التميز في العمارة - لقاء مع المدير المؤسس لجائزة تميّز أحمد الملّاك
Elias Khuri (2)
العمارة المتوسطية بين الثقافة المحلية والمعاصرة - مقابلة مع المعمار إلياس خوري
صورة 1
حوار مع المهندسة رضوى رستم
Scroll to Top